السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
فضيلة الشيخ عبدالرحمن السحيم :
ثبت في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) ..
وسؤالي هو :ما علة هذا الإمتناع من قبل الملائكة ؟ أو بمعنى آخر لماذا لا تدخل الملائكة
بيتاً فيه كلب أو صورة ؟وهل هذا الإمتناع عام لجميع الملائكة ؟ ولماذ بالتحديد الكلب والصورة ؟
(1) وكيف نوفق بين امتناع الملائكة من الدخول وبين الملائكة الحفظة الملازمة للانسان في
كل أحواله . (2) وما هو التصوير المقصود بالحديث (3) وهل هو على عموم التصوير (4)
وكذلك الكلب هل يشمل جميع الكلاب .
والله الموفق .
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
1 – نقل الحافظ ابن حجر عن القرطبي قوله : واختلف في المعنى الذي في الكلب حتى مَنَعَ
الملائكة من دخول البيت الذي هو فيه ، فقيل : لكونها نجسة العين ، ويتأيد ذلك بما ورد في
بعض طرق الحديث عن عائشة عند مسلم : فأمَرَ بَنَضْحِ موضع الكلب ، وقيل : لكونها من
الشياطين ، وقيل : لأجل النجاسة التي تتعلق بها ، فإنها تكثر أكل النجاسة وتتلطخ بها فينجس
ما تعلّقت به ، وعلى هذا يَحمِل من لا يقول أن الكلب نجس العين نَضْح موضعه احتياطا . اهـ .
وأما الصور فلأن تصوير ذوات الأرواح مُحرَّم بل كبيرة من كبائر الذنوب ، وفيه مضاهاة لِخَلْقِ الله .
فهذه الأشياء تجلب الشياطين ، فلا تدخلها الملائكة !
قال الإمام النووي : قال العلماء سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة ،
وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى ، وبعضها في صورة ما يُعبد من دون الله تعالى ، وسبب
امتناعهم من بيت فيه كلب لكثرة أكله النجاسات ، ولأن بعضها يُسمَّى شيطانا كما جاء به
الحديث ، والملائكة ضد الشياطين ، ولِقُبح رائحة الكلب والملائكة تكره الرائحة القبيحة ،
ولأنها منهي عن اتخاذها فعُوقِب مُتَّخِذها بحرمانه دخول الملائكة بيته وصلاتها فيه
واستغفارها له وتبريكها عليه . اهـ .
ومثلها الجرس أو المعازف إذا كانت بصحبة قوم أو ركب أو كانت في بيت ، لقوله عليه
الصلاة والسلام : لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس . رواه مسلم . وقُل مثل ذلك في النّغمات الموسيقية في أجهزة الجوال ! فإنها تمنع صُحبة الملائكة .
2 – وهذا الامتناع ليس عاماً لجميع الملائكة ، بل يُستثنى منه الْحَفَظَة والكَتَبَة .أما التحديد
بالكلب والصورة فلأنها غالب ما يُقتنى ، وإلا فإن الحديث أيضا جاء بالنص على الْجَرَس ، كما تقدّم
3 – أما الجمع بين عدم دخول الملائكة وبين ملازمة الحفظه ، فقال النووي : وأما هؤلاء
الملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب أو صورة فهم ملائكة يطوفون بالرحمة والتَّبريك
والاستغفار ، وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت ولا يفارقون بنى آدم في كل حال ، لأنهم
مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها . اهـ .
ولعله من الملحوظ كثرة المشكلات الزوجية ، وهذا لا شك أنه راجِع إلى سلب البركة من تلك
البيوت بما فيها من الشياطين حين لم تدخلها الملائكة .
وهذا بخلاف بيوت أهل الإيمان التي عُمرت بِذِكر الله والصلاة .ولذا قال عليه الصلاة
والسلام : لأنس بن مالك : يا بني إذا دَخَلْتَ على أهلك فَسَلِّم يكون بركة عليك وعلى أهل
بيتك . رواه الترمذي .
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من
صلاته ، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا . رواه مسلم .
4 – المراد بالكلب غير ما أُذِن فيه ، وبالصورة صور ذوات الأرواح .قال الخطابي : المراد
بالكلب غير ما أُذِن في اتخاذه وبالصورة ما فيه روح . اهـ .
والله تعالى أعلم .